الرابع : بيع الشيء المؤجل ، بالثمن المعجل ، وهو الذي يسميه الفقهاء : (بيع السلم) أو (السلف) كمن يشتري من الفلاح القمح ، أو الشعير ، أو السمن ، أو القطن ، فيدفع له الثمن عاجلاً ، ويستلم منه البضاعة آجلاً ، عند الحصاد ، أو في زمن ووقت معين يتفقان عليه .
والأصل في هذا البيع أنه لا يجوز ، لأنه بيع المعدوم ، الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : (لا تبع ما ليس عندك) [الحديث أخرجه الترمذي في كتاب البيوع رقم 1232] ولكن الشارع أباحه لحاجة الفلاح والمزارع ، وحاجة الناس إليه .
والدين يراعي مصالح البشر ، بل إنه جاء لتحقيق منافع الناس ومصالحهم ، ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما فيه ضرر أو إضرار بالناس ، بقوله : (لا ضرر ولا ضرار) والله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم على أنفسهم : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) سورة النساء الآية 29 .
قال الإمام القدوري : السلم في لغة العرب : عقد يتضمن تعجيل أحد البدلين ، وتأجيل الآخر ، وهو عقد شرع على خلالف القياس ، لكونه بيع المعدوم ، إلا أنا تركنا القياس ، بالكتاب ، والسنة ، والإجماع .
أما الكتاب : فقوله تعالى : ( يأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين على أجل مسمى فاكتبوه ) سورة البقرة الآية 282 .
قال ابن عباس : أشهد أن الله تعالى أجاز السلم ، وأنزل فيه أطول آية في كتابه ، وتلا هذه الآية .
وأما السنة : فقوله عليه الصلاة والسلام : (من أسلف في شيء ، فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم) أخرجة البخاري في كتاب السلم رقم 2240 ومسلم رقم 127 في المساقاة ، والترمذي رقم 1311 في البيوع .
فقه المعاملات